بمناسبة حلول ذكرى مولد الحبيب صلى الله عليه وسلم ننشر مديحية العلامة الشيخ محمد المامي رحمه الله تعالى والتي مطلعها: جَرَى الْحُبُّ فِي الْأَعْضَاءِ حَيْثُ جَرَى الدَّمُ:
جَرَى الْحُبُّ فِي الْأَعْضَاءِ حَيْثُ جَرَى الدَّمُ
فَيَا زُحَلــــِيَّ اللّــــَوْنِ وَالدَّمْـــــعُ عَنْــــدَمُ
كَـلِفْـتَ بِمَا لاَ تَسْتَطِيعُ دُنُـوَّهُ
وَلَوْ كُنْتَ جَالَيْنُوسَ مَا كِدتَّ تَسْلَمُ
تَسَلَّ بِقُنَّاطِ الْمُحِبِّينَ لَمْ تَكُنْ
بِأَوَّلِ مَحْرُومٍ سَبَاهُ مُتَيِّمُ
وَأَوَّلِ مَن رَّامَ السَّلاَطِينُ ظُلْمَهُ
أَتَحْسِبُ سُلْطَانَ الْهَوَى لَيْسَ يَظْلِمُ
لَهُ سَطْوَةُ الْحَجَّاجِ فِي الْأَرْضِ كُلِّهَا
تَدِينُ لَهُ أَهْلُ الْعِرَاقِ وَتُسْلِمُ
وَخَاتَمُ مُلْكٍ نَقْشُهُ "الْحُسْنُ أَحْمَرٌ"
وَمِنْ أَبْلَغِ التَّعْرِيضِ ذَاكَ التَّخَتُّمُ
عَلَيْهِ دِمَاءٌ مِنْ شُعُوبٍ كَثِيرَةٌ
يُوَلِّي وَزِيرَ الْحُسْنِ كَي يُّهْدَرَ الدَّمُ
وَقَلَّدَ قِبْطِيَّ الْعَفَافِ سُجُونَهُ
وَلَيْسَ لِأَهْلِ السِّجْنِ عَنْهُ مُتَرْجِمُ
جَنَى أُمَوِيٌّ مِنْ جَبَابِرَةِ الْهَوَى
عَسَى هَاشِمِيُّ الْوَصْلِ بِالْفَتْحِ يَقْدَمُ
وَمَا كُنْتُ أَحْجُو أَنْ يَكُونَ مُسَيْطِرًا
عَلَيَّ وَلَمَّا تُدْنِنِي مِنْهُ سُلَّمُ
وَمَا هُوَ إِلاَّ الْعَدْلُ يَعْقِرُ دَغْفَلاً
فَتَشْقَى بِهِ ذَاتُ السَّنَامَيْنِ مُحْرِمُ
خَلِيلَيَّ وَلَّى الصَّبْرُ عَنِّيَ هَارِبًا
وَأَقْبَلَ مِنْ جَيْشِ الْهُمُومِ عَرَمْرَمُ
فَإِن لَّمْ تَكُونَا مِثْلَ صَبْرِيَ فَاسْهَرَا
مَعِي إِنَّ جَفْنِي لِلرُّقَادِ مُحَرِّمُ
أَرِقْتُ لِلَيْلٍ عَضَّ ظَلْمَاءَ بَدْرُهُ
كَمَا عَضَّ مُشْطُ الْعَاجِ فَرْعًا يُنَعَّمُ
وَزُمَّتْ نُجُومٌ فِي دُجَاهُ كَأَنَّهَا
خَوَاتِمُ دُرٍّ فِي الْقُرُونِ تُزَمَّمُ
أُخَادِعُ بِالتَّشْبِيهِ قَلْبًا مُسَهَّدًا
خِدَاعَ صَبِيٍّ ذِي تَمَائِمَ يُفْطَمُ
إِذَا مَا بَكَى أَوْمَتْ إِلَى النَّجْمِ أُمُّهُ
وَلِلسَّبُعِ الْعَاوِي وَأَشْيَاءَ تُزْعَمُ
يُسَهِّدُهَا حَتَّى تَمَلَّ حَيَاتَهُ
فَطَوْرًا تُفَدِّيهِ وَطَوْرًا تُؤَثِّمُ
بِهَا وَجْدُ مِقْلاَتٍ تَدَلَّتْ لِطِفْلِهَا
مِنَ الْجَوِّ فَتْخَاءُ الْجَنَاحَيْنِ مُتْئِمُ
تَخَافُ عَلَى أَفْرَاخِهَا مِثْلَ خَوْفِهَا
عَلَى الْخِشْفِ إِلاَّ أَنَّهَا هِيَ أَحْزَمُ
تُضَمِّنُ فَرْعَ الدَّوْحِ فِي الْجَوِّ بَيْضَهَا
وَيَضْمَنُ لِلْأُخْرَى غَدِيرٌ وَسَلْجَمُ
مَلاَحِسَ أَوْلاَدِ الْمَهَا فِي عَذِيَّةٍ
يُمَجُّ لُعَابُ الْمُزْنِ فِيهَا فَتُلْثَمُ
كَأَنَّ مَرَايَا الرُّومِ أَنْهَارُ رَوْضِهَا
وَأَعْنَاقَهُمْ فِي مَائِهَا تُتَوَسَّمُ
يَهُودِيَّةُ الْأَنْوَاءِ يَقْرَا زَبُورَهَا
مَحَابِيرُ ظُلْمَانٍ لَهُنَّ تَرَنُّمُ
تُمَثِّلُ مِرْآةَ السَّمَاءِ رِيَاضُهَا
وَتَطْلُعُ فِي الْأَنْهَارِ شَمْسٌ وَأَنْجُمُ
أَرَيْتُكَهَا يَا قَلْبُ لَوْ كَانَ مُسْلِيًا
لَكَ الْمَاءُ وَالْخَضْرَاءُ عَمَّا تُكَتِّمُ
هُوَ الثَّالِثُ الْجَالِي دُجَى الْقَلْبِ حُسْنُهُ
فَأَيُّ وُجُوهِ الْحُسْنِ صَادَكَ أَبْكَمُ؟
أَأَسْمَاءُ أَمْ خَرْقَاءُ أَمْ هِيَ عَثْمَةٌ
أَمَ اَيْلَةُ أَمْ عَفْرَاءُ أَمْ هِيَ تَنْدَمُ؟
فَبُحْ بِالَّذِي تَهْوَى عَسَى إِنْ تَبُحْ بِهِ
وَتَشْكُ إِلَيْهِ الْبُعْدَ يَدْنُ فَيَرْحَمُ
سَبَانِي جَمِيلٌ لَسْتُ أُحْسِنُ وَصْفَهُ
مِنَ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ أَصْفَى وَأَوْسَمُ
يَزِينُ بَدِيعَ الشِّعْرِ بَارِعُ حُسْنِهِ
كَمَا زَانَ دُمْلُوجَ الْفَرِيدَةِ مِعْصَمُ
فَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْ وَصْفِهِ كَلَّ مِقْوَلِي
وَقُسٌّ وَسَحْبَانٌ وَظَنِّي وَأَنْتُمُ
وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْ دَارِهِ فَهْيَ طَيْبَةٌ
وَإِنْ تَسْأَلُوا عَن مَّائِهِ فَهْوَ زَمْزَمُ
وَإِنْ تَسْأَلُوا عَن لَّوْنِهِ فَهْوَ مُشْرَبٌ
وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْ قَدْرِهِ فَمُعَظَّمُ
وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْ خَدِّهِ فَهْوَ نَاعِمٌ
وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْ صَدِّهِ فَهْوَ عَلْقَمُ
وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْ وَجْهِهِ فَهْوَ رَوْضَةٌ
وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْ خُلْقِهِ فَالتَّنَسُّمُ
وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْ بُعْدِهِ فَهْوَ خَيْبَةٌ
وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْ قُرْبِهِ فَهْوَ مَغْنَمُ
تَلَثَّمَ بَدْرُ التِّمِّ بِالْمُزْنِ طَالِعًا
فَأَزْرَى بِذَاكَ الْبَدْرِ مِنْكَ التَّلَثُّمُ
وَخَانَ جُمَانًا سِلْكُهَا فَتَنَاثَرَتْ
فَأَزْرَى بِذَاكَ الدُّرِّ مِنْكَ التَّكَلُّمُ
وَأَعْجَبَنَا حَبُّ الْغَمَامِ وَبَرْقُهُ
فَأَزْرَى بِذَاكَ الْبَرْقِ مِنْكَ التَّبَسُّمُ
فَذَاكَ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ عُذَّلِي
أَحَبُّ إِلَيَّ السِّجْنُ مِمَّا ذَكَرْتُمُ
لَئِنْ كَانَ فَضْلُ الْحُبِّ لِلْحُسْنِ تَابِعًا
تَتُوبُوا مِنَ الْحُبِّ الدَّنِيِّ وَتَنْدَمُوا
فَهَلْ يَسْتَوِي قَدْرُ الْمَحَبَّةِ عِنْدَكُمْ
وَمَنْ شَاقَ دِينَارٌ وَمَنْ شَاقَ دِرْهَمُ
فَمَا يُوسُفِيُّ الْحُسْنِ مِثْلُ عَزِيزِهِ
وَلاَ كَزَلِيخَا فِي الْمَحَبَّة ِزَهْدَمُ
بِمَنْ قَطَّعَتْ أَيْدِي الْعَوَاذِلِ نَظْرَةٌ
لِشَطْرِ الَّذِي فِيهِ مِنَ الْحُسْنِ مُغْرَمُ
وَمَنْ أَبْصَرَتْ كُمْهُ الضِّبَابِ جَمَالَهُ
وَغَارَ عَلَى الطَّرْفَاءِ جِذْعٌ مُهَيْنِمُ
وَمَن نَّشَزَتْ شَمْسُ الضُّحَى لاِنْتِظَارِهِ
وَطَالَ بِهَا يَوْمٌ عَلَى الْبَدْرِ أَيْوَمُ
وَمَنْ جُعِلَتْ فِي كَفِّهِ عِصَمُ الْوَرَى
لِتَظْهَرَ مِنْهُ عِفَّةٌ وَتَكَرُّمُ
وَلَمَّا أَقَرَّ الْكَوْنُ أَنَّ مُحَمَّدًا
لِكُلِّ فُرُوعِ الْفَضْلِ أَصْلٌ مُقَدَّمُ
تَبَيَّنَ مَحْبُوبِي وَمَنْ قَدْ أَرَدتُّهُ
وَإِن لَّمْ أُعَيِّنْهُ لِأَنِّيَ مِنْهُمُ
وَمِنْكَ اسْتَفَادَ الْحُسْنَ كُلُّ يَتِيمَةٍ
مِنَ الدُّرِّ يُكْسَاهَا غَزَالٌ مُنَعَّمُ
وَمِنْكَ اسْتَفَادَ الضَّوْءَ وَجْهُ غَزَالَةٍ
جَنَى الضَّوْءَ مِنْهَا زِبْرِقَانٌ وَمِرْزَمُ
وَمِنْكَ اسْتَفَادَ الْحِلْمَ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ
وَمِنْهُ تَلَقَّاهُ الْحَفِيدُ الْمُحَلَّمُ
وَمِنْكَ اسْتَفَادَ الْعَزْمَ نُوحٌ فَمَا ائْتَلَى
وَمِنْكَ اسْتَفَادَ الْعِلْمَ خِضْرُ الْمُعَلَّمُ
وَمِنْكَ اسْتَفَادَ الْحُكْمَ دَاوُودُ وَابْنُهُ
وَمِنْكَ اسْتَفَادَ الْقُرْبَ مُوسَى الْمُكَلَّمُ
وَمِنْكَ اسْتَفَادَ الصَّبْرَ أَيُّوبُ ذُو الْبَلاَ
وَمِنْكَ اسْتَفَادَ الْيُمْنَ عِيسَى وَمَرْيَمُ
وَمِنْكَ اسْتَفَادَ اسْمَ الْخَلِيلِ ابْنُ تَارَحٍ
وَمِنْكَ اسْتَفَادَ اسْمَ الْخَلِيفَةِ آدَمُ
وَمِنْكَ اسْتَفَادَ الْبَيْتُ فِي النَّاسِ هَيْبَةً
وَرُكْنًا بِهِ ذَنْبُ الْوَرَى يَتَحَطَّمُ
وَمِنْكَ اسْتَفَادَ الْعِيدُ ذِكْرًا وَزِينَةً
وَصُورَةَ فَرْدٍ لِلطَّوَائِفِ يَهْزِمُ
وَمِنْكَ اسْتَفَادَ الْأُقْحُوَانُ نَضَارَةً
وَحُسْنَ نَبَاتِ الثَّغْرِ إِذْ يَتَبَسَّمُ
وَمِنْكَ اسْتَفَادَ الْخَيْزُرَانُ مَكَانَةً
فَصَلَّى عَلَيْكَ النَّاشِقُونَ وَسَلَّمُوا
وَمِنْكَ اسْتَفَادَ الْغُصْنُ لِينًا وَجِدَّةً
تَمَنَّتْهُمَا فِي الْحَيِّ خِبٌّ وَأَيِّمُ
كَمَا شِدَّةً مِنْكَ اسْتَفَادَ رُكَانَةٌ
وَعَضَّ الضَّرِيبَاتِ الْحُسَامُ الْمُصَمِّمُ
وَمِنْكَ اسْتَفَادَ الطَّوْدُ فَرْطَ ثَبَاتِهِ
فَأَفْرَطَ قِرْنٌ فِي ارْتِعَاشٍ وَمُجْرِمُ
وَمِنْكَ اسْتَفَادَ اللَّيْثُ كَرًّا عَلَى الْعِدَا
فَلِلَّهِ تِلْمِيذٌ عَلَى الْعَبْدِ مُنْعِمُ
وَمِنْكَ اسْتَفَادَ الْبَدْرُ مَقْبُولَ نُورِهِ
فَلِلَّهِ تِلْمِيذٌ يُشَقُّ فَيُقْسَمُ
وَمِنْكَ اسْتَفَادَ الْغَيْثُ مَشْهُورَ جُودِهِ
فَلِلَّهِ تِلْمِيذٌ مِنَ الشَّمْسِ يَعْصِمُ
حَبِيبِيَ قَدْ أَحْبَبْتُهُ دُونَ حُبِّهِ
وَفِي ذَاكَ تَأْدِيبٌ عَلَيَّ مُسَلَّمُ
وَلَوْ أَنَّنِي أَحْبَبْتُهُ قَدْرَ حُبِّهِ
لَمَا غَابَ عَنِّي مِنْهُ جِيدٌ وَمَبْسَمُ
وَلَوْ أَنَّنِي أَحْبَبْتُهُ قَدْرَ حُبِّهِ
لَطَالَ مِنَ الدُّنْيَا عَلَيَّ تَلَوُّمُ
وَلَوْ أَنَّنِي أَحْبَبْتُهُ قَدْرَ حُبِّهِ
لَذُبْتُ عَلَى نَارٍ مِنَ الْحُبِّ تُضْرَمُ
فَإِنْ كُنْتُ عَن نَّارِ الْمَحَبَّةِ قَاصِرًا
فَإِنِّي لِآذَانِ الْمَدِيحِ مُخَضْرِمُ
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد