العلامة الشيخ محمد المامي

العلامة الشيخ محمد المامي

1 – اسمه ونسبه:

هو أبو عبد الله الشيخ محمد المامي بن البخاري بن حبيب الله بن بارك الله فيه (واسمه المختار، وهو الجد الجامع لقبيلة أهل بارك الله فيه) ابن أحمد أبي زيد بن يعقوب بن أبي يعلى (أبيال) بن عامر أبي يعلى (أبيال) بن أبي هندام (أبهنضام[i]، وهو خامس الخمسة المعروفين بتشمشه) ابن محمد بن يعقوب (وهو الذي تلتقي عنده جميع فصائل قبيلة يعقوب) ابن سام بن عبد الله بن عمر بن حسان، ويرتقي نسبه إلى عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما[ii].

وأمه مريم بنت محمود بن عبد الله بن بارك الله فيه، وأمها مَامِنُونَة بنت الفاضل بن بارك الله فيه.

وقد سمي باسم المامي عبد القادر  (ت: 1207هـ) وهو أحد أئمة مملكة فوتة الإسلامية في السينغال، و"المامي" تحريف لـ"لْإِمام"؛ كما يقول الشيخ في نسخة من وسيلة السعادة (نظم أهل بدر الكبير):

قَالَ مُحَمَّدُ الْفَقِيرُ اللهِ إِبْنُ الْبُخَارِي بْنِ حَبِيبِ اللهِ ج سَمِيُّ وَاليِ بُوصَيَابَ الْمَامِي
 

صَاحِبُ الاِسْتِهْدَافِ بِالْأَنْظَامِ[iii]
ج

2 – مولده ووفاته:

ولد الشيخ محمد المامي بـ"آرش اعمر" بتيرس، وذهب الشيخ محمذن بن محمد الأمين الألفغي - وهو معاصر للمؤلف ومن الآخذين عنه - إلى أنه ولد سنة: 1202هـ، كما قال:

ومولد الشيخ محمد المامي
وتم نظمه خليلا عام "لو"
 

"بشر" من الهجرة للأنام
وموته في عام "بفرش" حكوا
 

(بشر = 1202 ؛ لو = 36 ؛ بفرش = 1282).

وذهب الشيخ محمد الخضر بن حبيب الباركي – وهو ابن عم المؤلف، ومن أدرى الناس به - إلى أنه ولد سنة: 1206هـ، كما قال:

محمد المامي لـ"ورش" نجلا    وعاش "عبدا" ومضى لا عن قلا

(ورش: 1206، عبدا: 76).

وقيل أيضا إنه ولد سنة: 1204هـ.

وتوفي سنة: 1282هـ، ودفن قرب جبل "أيق" بتيرس، وقبره مشهور يزار ويتبرك به.

3 - عصره:

ولد الشيخ في مطلع القرن الثالث عشر الهجري، وهو العصر الذهبي للثقافة الشنقيطية، وقد جرت بين الشيخ وبين معاصريه مراسلات ومناظرات وبحوث علمية مفيدة، يجد القارئ نماذج منها في هذه المجموعة.

4 – علمه وصلاحه:

أجمع المؤرخون على أن علم الشيخ كان لدنيا من عند الله تعالى بلا واسطةِ تَعَلُّمٍ من أحد؛ فلم يُرو أنه درس على أحد من معاصريه، إلا أنه درس القرآن أو بعضه في صباه على بعض شيوخ قبيلته. ثم فتح الله عليه فذاع صيته وأقر له القاصي والداني ببلوغ درجة الاجتهاد وهو لم يبلغ العشرين من عمره، وقد أشار الشيخ إلى ذلك بقوله في خاتمه نظم مختصر خليل:

فَدُونَكُمْ إِبِلَ نَظْمٍ لاَ تَلِدْ
وَلَمْ يَكُن مِّصْرِيُّكُمْ وَالتُّونُسِي
أَعْطَاكُمُوهَا فَاتِحُ الْأَبْوَابِ
بِجَذْبَةٍ مِن مَّالِكِ الْخِطَامِ
وَشَرْبَةٍ مِنْ بَحْرِ نُورٍ سَلْسَلِ
لَكِنَّهَا الرُّؤْيَا تَسُرُّ مَن رَّأَى
 

تَحْمِلُ أَثْقَالَكُمُ إِلَى بَلَدْ
بَالِغَهُ إِلاَّ بِشِقِّ الاَنْفُسِ
وَإِنَّمَا كُنْتُ مِنَ الْأَسْبَابِ
وَنِيَّةٍ فَاتِرَةِ الْعِظَامِ
بَيْنَ يَدَيْ - فيِ النَّوْمِ - خَيْرِ مُرْسَلِ
وَلاَ تَغُرُّ مِثْلَ سُرَّ مَن رَّأَى

هذا إلى ما عرف به من الصلاح والنسك وإجابة الدعوة ووفرة الكرامات.

5 – مذهبه وطريقته:

كان الشيخ ـ كما عرف بنفسه في مؤلفاته ـ أشعريا اعتقادا، مالكيا مذهبا، قادريا طريقة، كما يقول في أول نظمه لمختصر خليل:

مُحَمَّدُ الَّذِي لَهُ الْمَامِي عَلَمْ

إِبْنُ الْبُخَارِي بَيْنَ ضَالٍ وَسَلَمْ
ج

الأَشْعَرِيُّ الْمَالِكِيُّ الْمَذْهَبِ

أَلْمَغْرِبِيُّ الْبَارَكِيُّ النَّسَبِ[iv]
ج

ويقول في أول نظمه للقواعد المالكية (صداق القواعد):

قَالَ عُبَيْدُ رَبِّهِ الْمُقْتَدِرِ

مُحَمَّدٌ إِبْنُ الْبُخَارِي الأشْعَرِي
ج

الْقَادِرِيُّ الْمَالِكِيُّ الْمَذْهَبِ

الْمَغْرِبِيُّ الْبَارَكِيُّ النَّسَبِ[v]
ج

6 – شعره:

اشتهر الشيخ بالبراعة في القريض بنوعيه الفصيح والشعبي، ويمتاز شعره بعمق المعاني وبعد الاستعارات والتشبيهات وكثرة التلميحات العلمية والأدبية والتاريخية، وكان كثير الاستسقاء، وقد التزم أن يمدح النبي صلى الله عليه وسلم بقصيدة كل سنة[vi].

7 – اجتهاده:

دعا الشيخ إلى فتح باب الاجتهاد في النوازل الجديدة كما في قوله في المرجانية:

بَقِينَا وَعَصْرُ الإِجْتِهَادَاتِ قَدْ مَضَى

فَمَا الرَّأْيُ إِن لَّمْ يُفْتِ فِينَا مُقَلِّدُ؟! [vii]
ج

وقد اجتهد في هذه النوازل الجديدة؛ لأن الاجتهاد فرض على أهل كل عصر كما قال:

سَلاَمٌ عَلَى الْقَرْنِ الأُلَى خَذَلُونِي

وَنَاطَحْتُ عَنْهُم مَّاضِيَاتِ قُرُونِ
ج

بِتَأْدِيَتِي فَرْضَ اجْتِهَادٍ عَلَيْهِمُ

وَفَتْحِي لِأَبْوَابٍ لَهُ وَحُصُونِ[viii]
ج

أما ما اجتهد فيه الأئمة السابقون - رضي الله عنهم - فكان يرى وجوب اتباعهم فيه وعدم الخروج على مذاهبهم بتأسيس مذهب جديد، كما قال في الزحلية:

لِيُقْنِعْنَا بِمَذْهَبِنَا اقْتِفَاءُ

فَفِي تَقْلِيدِ صَاحِبِهِ اكْتِفَاءُ
ج

وَرُتْبَةُ الاِجْتِهَادِ لَهَا اتِّسَاعٌ

وَكَانَ لِمَالِكٍ فِيهَا اللِّوَاءُ
ج

أَلَمْ تَرَ الاَصْفَرَ ارْتَكَبَ الدَّرَارِي

وَأَدْنَاهَا مَحَلَّتُهُ السَّمَاءُ
ج

وَلَوْ شِئْنَا لِمَذْهَبٍ اخْتَرَعْنَا

وَلَكِن لاَّ نَشَاءُ وَلاَ نُشَاءُ[ix]
ج

8 – رحلاته:

تجول الشيخ في شبابه في شمال بلاد شنقيط وغربها وجنوبها، ثم عبر النهر إلى السينغال وتجول في أنحاء إفريقية السمراء بحثا عن الكتب، ثم عاد إلى منطقة الساحل فأقام بها إلى أن توفي.

9 – مؤلفاته:

اشتهر الشيخ بوفرة المصنفات حتى قال فيه العلامة محمد الخضر بن حبيب الباركي (ت: 1345هـ): "ما علمت في الأمة أكثر من ظم [الناظم] تصانيفا؛ فهو أعجوبة دهره ولو سراج الدين بن الملقن أو السيوطي في ما أرى، ومن ذلك أشعاره عربية وبربرية، (..) لكن تصانيفه لم يحفظ عشر عشير معشارها - بتكرير إضافة - ولا غاية، فاستطلع! وذلك لثلاث لجهل البداة وجفائهم، كما في الحديث وغيره، ولعموم داء الحسد (..) وللزهد اليوم في العلم"[x] وقال العلامة محمد الخضر أيضا: "وحكى لي من يوثق به أنه قال له: "ألفت في القرآن مائة مولف ولم يسألني أحد عن مسألة منها قط" وقال لآخر: "ألفت في كل فن مائة" ولآخر: "لم أولف في الفقه لأنه فني، وإنما وضعت فيه أربعمائة فقط" اهـ وبينما هو يملي على ابن له وبنت أسماء تآليفه يكتبانها، كل بيده ورقة وقلم إذ قال: "وقدرت في نفسي تفسيرا للقرآن مائة سفر" ثم قال بعض تلاميذه: "كتب منه ستة على البسملة"[xi].

 

ومن أشهر كتبه:

- رد الضوال والهمل إلى الكروع في حياض العمل: صدر عن زاوية الشيخ محمد المامي، ضمن: "مجموعة من مؤلفات العلامة الشيخ محمد المامي" – ط 1 - 1428هـ/2007م.

- كتاب البادية: صدر عن زاوية الشيخ محمد المامي، ضمن: "مجموعة من مؤلفات العلامة الشيخ محمد المامي" – ط 1 - 1428هـ/2007م.

- الجمان: صدر عن زاوية الشيخ محمد المامي، ضمن: "مجموعة من مؤلفات العلامة الشيخ محمد المامي" – ط 1 - 1428هـ/2007م.

ـ الدلفين وشرحها: صدر عن زاوية الشيخ محمد المامي، ضمن: "مجموعة من مؤلفات العلامة الشيخ محمد المامي" – ط 1 - 1428هـ/2007م.

ـ الميزابية وشرحها: صدر عن زاوية الشيخ محمد المامي، ضمن: "مجموعة من مؤلفات العلامة الشيخ محمد المامي" – ط 1 -1428هـ/2007م.

ـ نظم مختصر خليل: صدر عن زاوية الشيخ محمد المامي، ط. 1 – 1426هـ/2005م.

ـ سفينة النجاة: صدرت عن زاوية الشيخ محمد المامي، ط. 1 – 1424هـ/2003م.

ـ صداق القواعد (نظم القواعد الفقهية) وشرحه: وهو هذا الكتاب.

ـ كتاب الإجماعيات: مخطوط بزاوية الشيخ محمد المامي.

ـ الدولاب في المذاهب الأربعة والأربعين: مخطوط بزاوية الشيخ محمد المامي.

ـ إدخالات البحر في الغدير: صدر عن زاوية الشيخ محمد المامي – ط 1 – 1406هـ/1986م.

ـ وسيلة السعادة (نظم أهل بدر الكبير) وشرحه: صدرا عن زاوية الشيخ محمد المامي – ط 1 – 1406هـ/1986م.

- الشيخ الأجم والشيخ الأقرن (في فنون مختلفة): مخطوط بزاوية الشيخ محمد المامي.

- نظم ورقات إمام الحرمين: مخطوط بزاوية الشيخ محمد المامي.

- نظم المباني: مخطوط بزاوية الشيخ محمد المامي.

- نظم المشاهير من الأفعال: مخطوط بزاوية الشيخ محمد المامي.

- نظم سلم البيان: مخطوط بزاوية الشيخ محمد المامي.

- أنظام (في مواضيع متفرقة): مخطوطة بزاوية الشيخ محمد المامي.

ـ نظم أهل بدر الصغير: صدر عن زاوية الشيخ محمد المامي، ضمن مجموعة من أدعية الشيخ وتوسلاته بعنوان: الأنظام المباركة، ط. 1 –1424هـ/2003م، وط. 2 - 1425هـ/2004م.

ـ الديوان (الفصيح): صدر عن زاوية الشيخ محمد المامي، ط. 1 – 1405هـ/1985م.

ـ الديوان (الحساني): مخطوط بزاوية الشيخ محمد المامي.

- الرسائل: صدر بعضها عن زاوية الشيخ محمد المامي، ضمن: "مجموعة من مؤلفات العلامة الشيخ محمد المامي" – ط 1 - 1428هـ/2007م.

10 – أبناؤه:

علي والبخاري وصلاحي وأفلواط وعبد الله وعبد العزيز والصوفي وحمدي وسيد آمين ومحمد الأمين.

وقد عرفوا كلهم بالعلم والصلاح والفضل، كما يقول فيهم العلامة محمد الخضر بن حبيب:

وَلَكِنْ عَدَا عَنْ ذَاكَ بَرْحُ تَشَبُّبِي

بِذِكْرِ أُوليِ الأَحْلاَمِ وَالْحَسَبِ الْعِدِّ
 

سُلاَلَةِ شَيْخِ الدِّينِ خَيْرِ سُلاَلَةٍ

كِرَامِ الْمَسَاعِي غُرَّةِ الشِّيبِ وَالْمُرْدِ[xii]
 

ويقول فيهم الشيخ محمد عبد العزيز بن الرباني التندغي متوسلا بهم إلى الله ليشفيه من مرض كان به فشفاه الله منه:

حَمْدًا لِمَنْ جَعَلَ مَنْ تَوَسَّلاَ

بِأَنْبِيَاءِ  اللهِ نَالَ الْأَمَلاَ
ج

كَذَاكَ مَنْ بِوَارِثِيهِمْ سَأَلاَ

مِنْ أَوْلِيَائِهِ تَعَالىَ فَاسْأَلاَ
ج

يَا رَبَّنَا بِشَيْخِنَا الْمَامِي الْعَلَمْ

وَكُلِّ مَن نَّجَلَ مِنْ قُطْبٍ عَلَمْ
ج

وَبِبَنَاتِهِ وَمَن نَّجَلْنَ مِنْ

قُطْبٍ كَرِيمٍ بِالسِّيَادَةِ قَمِنْ
ج

بِالْوَالِدِ الْبُخَارِ وَالْبُخَارِي

الاِبْنِ الْكَبِيرِ الْحَائِزِ الْفَخَارِ
ج

وَالسَّيِّدِ الْأَمِينِ ذَاكَ الْمُرْتَضَى

سَيِّدِ مَن مَّضَى وَخَيْرِ مَن مَّضَى
ج

وَبِابْنِهِ الْحَِبْرِ الْوَلِي صُلاَّحِي

مَنْ فَاقَ فيِ الْعُلُومِ وَالصَّلاَحِ
ج

وَبِابْنِهِ الْحَائِزِ لِلْخِلاَفَهْ

حَيَاتَهُ كَابْنِ أَبِي قُحَافَهْ
ج

عَبْدِ الْعَزِيزِ مَنْ حَوَى كُلَّ الشَّرَفْ

فَهُوَ فيِ الْفِرْدَوْسِ فيِ أَعْلَى الْغُرَفْ
ج

وَبِعَلِيٍّ مَنْ حَوَى مَا قَدْ حَوَى

مِنَ الْعُلُومِ فَهْوَ لِلْجَهْلِ دَوَا
ج

وَبِابْنِهِ الْمَشْهُورِ آفِلْوَاطِ

نَجْمُ الثُّرَيَّا عَنْهُ فيِ انْحِطَاطِ
ج

ثُمَّ بِعَبْدِ اللهِ وَاضِحِ الْكَرَمْ

وَالْعِلْمِ بَانِي الدِّينِ بِنْيَةَ إِرَمْ
ج

بِالْحَافِظِ الْجَامِعِ سِرَّ الْوَالِدِ 

فَنِعْمَ هُو مِنْ وَلَدٍ وَوَالِدِ
ج

وَبِأَخِيهِمْ صَاحِبِ التَّدْوِينِ

بِعِلْمِهِ مُحَمَّدِ الْأَمِينِ
ج

رَبِّ بِعَالِي الْمَكْرُمَاتِ الْمُوفِي

أَعْلَى مَقَامَاتِ الْكَمَالِ الصُّوفِي
ج

ثُمَّ بِحَمْدِي الْعَالِمِ الْكَرِيمِ

مُوَخَّرٌ فيِ رُتْبَةِ التَّقْدِيمِ
ج

11 – تلاميذه:

من الآخذين عن الشيخ أبناؤه المذكورون، ومن أشهر الآخذين عنه أيضا:

- الشيخ أحمد يعقوب بن محمد بن ابن عمر الباركي (ت:1303هـ)

- الشيخ محنض أحمد بن حبيب الباركي

- الشيخ المختار بن البرناوي الباركي.

- الشيخ أحمد بن عبد الله بن عبد الدائم الباركي.

- الشيخ محمد الأمين بن امَّيْن المختاري اليعقوبي.

- الشيخ عبد الله العتيق بن حمى الله اليعقوبي.

- الشيخ عبد الله العتيق بن عبد الوهاب اليعقوبي.

- الشيخ محمذن (ابُّو) بن محمد الامين الألفغي.

- الشيخ سيد أحمد (المعروف بالجكاني) بن الشيخ بن الإمام البوحمدي المجلسي.

- الشيخ عبد الله بن عبد الدائم التاقاطي.

- الشيخ عبد القادر بن المعلوم الكنتي.

رضي الله عن الجميع.

12 – بيئته:

ينتمي المؤلف إلى قبيلة أهل بارك الله فيه، التي تنتمي إلى قبيلة يعقوب، إحدى القبائل الخمس المكونة لحلف "تاشمشة".

وهذه القبيلة مشهورة بالعلم والحلم والصلاح والجود والإنفاق في سبيل الله والعز والثروة )وَالْبلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ(، كما يقول الشيخ محمد المامي في الدلفين:

فصل في أهل المسألة أي: أهل بارك الله فيه:

وَفِيكُمُ عُلَمَاءُ جَائِلُونَ زَكَتْ

أَحْلاَمُهُمْ فِي الْوَرَى والْفََضْلُ وَالدِّينُ
 

وَفِيكُمُ أَذْكِيَاءُ طَارَ ذِكْرُهُمُ

شَرْقًا وَغَرْبًا وَحُسَّادٌ شَيَاطِينُ
 

وَفِيكُمُ أَوْلِيَاءُ حُجَّجٌ سَمَرَتْ

بِذِكْرِهِمْ فِي الْوَرَى مِصْرٌ وَبُلْقِينُ
 

مِنْ أُسْرَةٍ ذُكِرَتْ بِالْخَيْرِ عَنْ بُعُدٍ

مِنْ زُهْدِهَا وَتُقَاهَا الْبَرُّ مَشْحُونُ
 

قَدْ سَوَّدَتْ سِيدِ عَبْدَ اللهِ أَعْصُرُهُ

وَمِسْكَةٌ أَمْسَكَتْ عَنْهُ السَّلاَطِينُ
 

وبيت سيدي عبد الله بن الفاضل المذكور، هو الذي يعنيه الشيخ محمد المامي بقوله:

لِلهِ دَرُّ عُلُومِ آلِ الْأَفْضَلِ

وَزُلاَلِ تِشْلَ مِنَ الرَّحِيقِ السَّلْسَلِ
 

ضَرَبُوا عَلَى غُمْدَانَ وَالسَّيْفُ الذِي

فَتَحَ الْجُنُودَ كَأَنَّهُ لَمْ يُسْلَلِ
 

فَتَحُوا جُنُودَ الْعِلْمِ لَمَّا أَصْبَحَتْ

فيِ جِذْمِ تِيرِسَ دَارُهُ لَمْ تُحْلَلِ
 

أَشْفَقْتُ قَبْلَ الْيَوْمِ أَنْ يَبْقَى سُدًى

د ُرُّ السَّنُوسِي بَيْنَنَا وَالْأَطْوَلِ
 

أَخْوَالُ صِدْقٍ غَيْرَ أَنَّ حَفِيدَهُمْ

يَسْلُو بِهِمْ عَنْ أَهْلِهِ وَالْمَنْزِلِ
 

وَيُحَفُّ زَائِرُهُمْ وَطَالِبُ عِلْمِهِمْ

بِسَوَابِغِ الْإِنْعَامِ غَيْرَ سَفَرْجَلِ
 

أَدْعُو بِطَلْبَقَةٍ وَدَمْعَزَةٍ لَهُمْ

آمِينَ مَا دَامَتْ ذَوَائِبُ يَذْبُلِ
 

ويقول الشيخ أيضا معبرا عن مكانة قبيلته وعن أخلاقها:

بِلاَدُ الْعَامِرِيِّ لَنَا اصْطَفَاهَا

فَبَارَكَ رَبُّهُ فِيهَا وَفِينَا
 

نَزُورُ بِهَا مَقَابِرَ دَارِسَاتٍ

عَلَى قِدَمِ الْعُهُودِ مُخَلَّدِينَا
 

مَعَادِنَ حِكْمَةٍ وَسَدَادِ رَأْيٍ

وَأَسْرَارٍ بِهَا مُتَصَرِّفِينَا
 

مِنَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ لَهُم مَّلاَذٌ

بِأَسْتَارٍ بِهَا مُتَعَلِّقِينَا
 

تُخَبِّرُنَا الْأَبَاعِدُ مَا جَهِلْنَا

مِنَ الْخَيْرِ الذِي هُمْ فَاعِلُونَا
 

لَهُمْ هِمَمٌ عَلَتْ فَوْقَ الثُّرَيَّا

بِهَا شَادُوا لَنَا بُرْجًا مُبِينَا
 

وَعَابُونَا بِهَا فَمَتَى نَزَلْنَا

سِوَى زُحَلٍ عُدِدْنَا عَابِثِينَا
 

هِيَ الْحَسَبُ الْمُضِيءُ لَنَا لَوَ انَّا

عَلَى الْآثَارِ مِنْهُم مُّقْتَدُونَا
 

فَنَعْمُرُهَا مُطَرَّقَةً وَلَسْنَا

بِعُرْوَةِ طَبْلِ قَرْمٍ آخِذِينَا
 

نُوَاسِي كُلَّ طَاغِيَةٍ أَتَانَا

وَمِسْكِينٍ بَعِيدِ الأَقْرَبِينَا
 

وَنُعْرِضُ عَنْ جَهُولٍ نَالَ مِنَّا

قَرِينَةَ جَهْلِهِ لِلسَّامِعِينَا
 

وَنُكْرِمُ مَنْ أَهَانَ إِذَا اقْتَدَرْنَا

وَنُعْطِي الْحَاسِدِينَ فَيَخْجَلُونَا
 

وَلَوْ شِئْنَا الظُّلاَمَةَ لَمْ تَفُتْنَا

وَلَكِنْ أَنْ يَكُونَ لَنَا لِدُونَا
 

أَلَمْ تَرَ أَنَّنَا نَفَرٌ قَلِيلٌ

وَنَعْدِلُ إِنْ وُزِنَّا الأَكْثَرِينَا
 

فَإِمَّا لَوْذَعِيٌّ أَوْ خَطِيبٌ

وَإِمَّا عَالِمٌ جَمَعَ الْفُنُونَا
 

وَإِمَّا سَيِّدٌ سَمْحُ السَّجَايَا

وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ يُعْذَرُونَا
 

كَمَا فيِ النَّاسِ كُلِّهِمُ عَذِيرٌ

وَلَيْسَ مِنَ الرِّجَالِ مُهَذَّبُونَا
 

وَكُنَّا خَمْسَةَ الْحُفَّاظِ مِنَّا

مُضَاعَفَةٌ وَغَيْرُ مُضَاعَفِينَا
 

تَيَامَنَ مَنْ تَضَاعَفَ وَانْفَرَدْنَا

بِثَغْرٍ لاَ يُقَالُ بِهِ مَنُونَا
 

تَخُبُّ رِكَابُنَا فيِ كُلِّ أَرْضٍ

قُعُوداً فيِ نُحُورِ الدَّيْلَمِينَا
 

بِأَقْرَبِ مَنْزِلٍ نَزْدَارُ مِنْهُ

قُرَى بَطْحَاءِ مَكَّةَ فَالْحَجُونَا
 

فَلاَ زَالَتْ لَنَا أَبَداً قَرَاراً

وَلاَ زِلْنَا بِهَا مُتَأَثِّلِينَا
 

فَفَرْعٌ بِالرِّيَاسَةِ مُسْتَقِلٌّ

وَفَرْعٌ بِالدِّرَاسَةِ فَائِزُونَا
 

يَقُومُ بِأَمْرِنَا مِنَّا أَصِيلٌ

يُنَازِعُهُ عَلَيْهِ الْأَقْرَبُونَا
 

نِزَاعَ سَلاَسَةٍ لاَ خُرْقَ فِيهِ

وَيَغْلِبُ بِالْأَنَاةِ الْغَالِبُونَا
 

وَلَمْ يَبْرَحْ لَدَى فَحْلَيْنِ مِنَّا

شِقَاقٌ فيِ عُلُومِ الْعَالِمِينَا
 

وَنَخْذُلُ مَنْ أَتَى مِنَّا بِأَمْرٍ

لَهُ أَهْلُ الشَّرِيعَةِ مُنْكِرُونَا
 

وَالاَفْوَهُ قَبْلُ لَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ

مَصِيرُ بِلاَدِنَا حَرَماً أَمِينَا
 

فَصَارَتْ فيِ جَزِيرَتِهَا حِجَازاً

وَنَحْنُ لَهَا مَعَدٌّ آخَرُونَا
 

لَنَا الْهِمَمُ الْعَلِيَّةُ قَد تَّوَاصَتْ

بِهَا أَحْلاَفُنَا وَمُطَيَّبُونَا
 

فَمَنْ يَعْزُبْ تَأَبَّدَ أَوْ تَسَرَّى

أَوَ ارْسَلَ فيِ الْمَنَاكِحِ عَاقِدِينَا
 

مَخَافَةَ أَنْ يُزَنَّ كَرِيمُ قَوْمٍ

فَتَفْضَحَ هِمَّةُ الْحُرِّ الْهَجِينَا
 

وَمَنْ يُمْلِقْ يُدَايِنْ أَوْ يُتَاجِرْ

وَلَسْنَا لِلسُّؤَالِ بِمُقْتَنِينَا
 

يَقِينَا ذَاكَ خُلْقٌ شَنْفَرِيٌّ

عَلَى الْعِلاَّتِ مُصْطَحَبًا يَقِينَا
 

وَتَنْكَؤُنَا بَنَاتُ الدَّهْرِ أَيٌّ

مِنَ الْأَقْوَامِ لَمْ تَنْكَأْهُ حِينَا؟!
 

وَإِنْ تَنْزِلْ بِنَا تَنْزِلْ بِشَعْبٍ

لِأَنْوَاعِ الْخُطُوبِ مُجَرِّبِينَا
 

فَأَكْرَمُ بَلْدَةٍ وَمُجَاوِرِيهَا

رِجَالٌ حَوْلَ مَكَّةَ مُسْنِتُونَا
 

وَالاَشْرَمُ فِيلَهُ رَهِبَتْ قُرَيْشٌ

فَلَمْ يَشْرُفْ عَلَيْهَا الْأَشْرَمُونَا
 

وَمَا زَالَتْ أَعَاجِمُ كُلِّ قُطْرٍ

عَلَى عَرَبِ الْجَزِيرَةِ غَالِبِينَا
 

أَكَاسِرَةٌ مُمَلَّكَةٌ وَجُنْدٌ

فَرَاعِنَةٌ وَبَيْتُ الْقَيْصَرِينَا
 

إِلَى فَتْحِ الْعِرَاقِ وَمِصْرَ قَهْرًا

وَفَتْحِ الشَّامِ حِمْصَ وَقِنْسرِينَا
 

نَصُونُ نِجَارَنَا بِالْفَخْرِ صَوْنًا

وَنَعْبَدُ بِالتَّهَاجِي أَن نَّصُونَا
 

وَإِنْ تَفْخَرْ عَلَى ذِي الْمَجْدِ يَفْخَرْ

بِأَحْسَنِ مَا يَقُولُ الْقَائِلُونَا
 

وَإِنْ تَفْخَرْ عَلَى ذِي اللُّؤْمِ يَرْكَـُنْ

إِلَى الْعَوْرَاءِ مَنْطِقُهُ رُكُونَا
 

إِلَى ذَاكَ الضَّرُورَةُ أَلْجَأَتْهُ

أَيُحْبَسُ فيِ الدُّيُونِ الْمُعْدِمُونَا؟!
 

وَلَسْنَا بِالْقَرِيضِ وَإِنْ أَجَدْنَا

وَلاَ بِالْمَالِ مِنْ جِدَةٍ حَظِينَا
 

وَلَسْنَا لِلْمُنَاضِلِ فيِ جَوَابٍ

وَلاَ حِقْدٍ مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَا
 

وَنُدْرِكُ مَا نَشَاءُ وَلاَ تَرَانَا

عَلَى آثَارِهِ مُتَشَدِّدِينَا
 

تَرُدُّ زِمَامَهُ أَيْدِي رِجَالٍ

عَلَيْهِمْ قَدْ رَدَدْنَا مَا يَلِينَا
 

وَكُنَّا خَاطِبِينَ بِكُلِّ مَهْرٍ

لِأَبْكَارِ الْعُلَى وَمُخَبِّبِينَا
 

لِيَالَفَهَا أُغَيْلِمَةٌ صِغَارٌ

كَمَا قَوَّمْتَ فيِ اللِّينِ الْغُصُونَا
 

فَلاَ تَنْسَوْا مَعَالِيَ مِنْ أَبِيكُمْ

تُرَاثًا كُلَّ عَامٍ تَرْذُلُونَا
 

وأبيات الأفوه (بو فمين) المجلسي التي أشار إليها الشيخ هي قوله:

يَا آلَ بَارَكَ فِيهِ اللهُ إِنَّكُمُ

لَحُجَّةُ اللهِ وَالنِّبْرَاسُ فيِ الظُّلَمِ
 

لَمَّا رَأَى اللهُ أَنَّ الْمَالَ عِنْدَكُمُ

تِجَارَةٌ لاِكْتِسَابِ الْمَجْدِ وَالْكَرَمِ
 

أَوْلاَكُمُوهُ عَلَى مِقْدَارِ فَضْلِكُمُ

فَصَارَ أَكْبَرَ مِقْدَارًا مِنَ النَّعَمِ
 

إِخْتَرْتُمُ الْبَكْرَ مِن نُّوقٍ تَخَيَّرَهَا

لَكُم مَّنِ اخْتَارَكُمْ طُرًّا عَلَى الْأُمَمِ
 

مِنَ الْبَرَامِكِ حَسْبِي وَابْنِ زَائِدَةٍ

وَمِنْ أَبِي دُلَفٍ أَنْتُمْ وَمِنْ هَرِمِ
 

لاَ زِلْتُمُ مَلْجَأً مِنْ كُلِّ غَائِلَةٍ

وَمَأْمَنًا بَيْنَ أَهْلِ الْأَرْضِ كَالْحَرَمِ
 

وفي هذه القبيلة يقول العلامة سيدي بن محمد مولود بن حبيب الله بن بارك الله فيه بن أحمد با زيد، ابن عم الشيخ محمد المامي ومعاصره:

يَا قَوْمِ تُوبُوا فَلاَ عَارٌ وَلاَ خَطَلُ

فَبِالْمَتَابِ يُمَاطُ الذَّنْبُ وَالزَّلَلُ[xiii]
 

ذَرُوا الرِّيَاسَةَ وَالدُّنْيَا لِغَيْرِكُمُ

مِنَ النَّصَارَى وَأَجْلاَفٍ بِهَا شُغِلُوا
 

وَلْتَجْعَلُوا الْحِلْمَ وَالتَّقْوَى لَكُمْ غَرَضاً

إِذَنْ تَفُوزُوا بِمَا فَازَتْ بِهِ الْأُوَلُ
 

فَلَنْ تَجِيؤُوا بِخَيْرٍ مِنْ شَمَائِلِهِمْ

هُمُ الْعِمَادُ الذِي قَامَتْ بِهِ الدُّوَلُ
 

أَعْلَى خُمُولُهُمُ بُنْيَانَ عِزِّهِمُ

وَوَطَّنُوا النَّفْسَ حِلْماً لَيْسَ يَنْتَقِلُ
 

دَرَوا وَّدَارَوا وَّمَا مَلُّوا وَمَا كَسِلُوا

عَنِ الْمَكَارِمِ لِلْأَرْحَامِ قَدْ وَصَلُوا
 

قَدْ أَنْهَجُوا طُرُقاً لِلسَّالِكِينَ بِهَا

زَادٌ وَأَمْنٌ فَلاَ جُوعٌ وَلاَ وَجَلُ
 

مِنْهُمْ أَبُوكُمْ أَبُو زَيْدٍ أَقَرَّ لَهُ

بِالْمَكْرُمَاتِ زَوَايَا الْقِبْلَةِ الْجُلُلُ
 

وَقَدْ قَفَاهُ ابْنُهُ مَنْ فَضْلُهُ نُظِمَتْ

بِهِ الْقَبَائِلُ مِنْ يَعْقُوبَ وَاحْتَفَلُوا
 

وَمِسْكَةُ الْخَيْرِ عَدْلٌ خَيِّرٌ وَرِعٌ

سَخِيُّ نَفْسٍ لَدَيْهِ الْعِلْمُ وَالْعَمَلُ
 

وَالْأَوْرَعُ الْبَحْرُ عَبْدُ اللهِ قُطْبُهُمُ

مِنْهُ الْحَدِيثَ تَحَلَّتْ سَادَةٌ عُطُلُ
 

تَحَمَّلَ الْأَلْفَ ضَِنًّا بِالْمُرُوءَةِ إِذْ

بَانَتْ لَهُ الْحَرْبُ فيِ الْإِسْلاَمِ تَشْتَعِلُ
 

وَالْعِلْمُ وَالْمَالُ مِن مَّوْلُودَ نَالَهُمَا

بِدُونِ مَنٍّ بَنُو غَبْرَاءَ إِذْ سَأَلُوا
 

فَتَمَّمَ الْمَجْدَ أَبْنَاءٌ لَهُ سَعِدَتْ

أَيَّامُ أَبْنَا أَبيِ زَيْدٍ بِمَا بَذَلُوا
 

مِن مَّا أَخُصُّ وَتَعْنِيهِ مُخَاطَبَتِي

مُحَمَّدُ الْمَامِ رُكْنُ الْقَوْمِ إِنْ حَفَلُوا
 

لاَ عِطْرَ بَعْدَ عَرُوسٍ حَانَ وَقْتُكُمُ

لِمِثْلِ ذَا يُنْدَبُ النَّاظُورَةُ الْبَطَلُ
 

لاَ تَتْرُكَنَّ قَبِيلاً أَنْتَ مُصْلِحُهُ

فَالْمِلْحُ مِنْ عُدْمِهِ قَدْ يَفْسُدُ الْأُكُلُ
 

"أُنْصُرْ أَخَاكَ" حَدِيثٌ صَحَّ مُشْتَهِراً

وَفيِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْخَيْرُ وَالأَمَلُ
 

لاَ يَنْبَغِي أَنْ تُرَوْا فيِ النَّاسِ كُلِّهِمُ

شَاةً بِفَيْفَاءَ يُرْجَى دُونَهَا الْهَمَلُ
 

وَلاَ تَكُونُوا كَمِعْزَي الْفِزْرِ تَفْرِقَةً

بَلْ أَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ بِالنُّصْحِ وَانْعَزِلُوا
 

تُوبُوا لِرَبِّكُمُ وَابْغُوا مَكَارِمَكُمْ

فَرُبَّمَا مَجَِلَ الْحَافُونَ وَانْتَعَلُوا
 

أَوْفُوا بِوَعْدِكُمُ جُودُوا بِرِفْدِكُمُ

كُفُّوا أَذَاكُمْ فَمِنْهُ السَّبُّ وَالْعَذَلُ
 

دَعُوا خُصُومَةَ مَنْ خَالَطْتُمُ نَزَهاً

إِنَّ الْخُصُومَ إِلَى الْبَغْضَاءِ تَنْتَقِلُ
 

وَمَا تَقُونَ بِهِ الأَعْرَاضَ مِن نَّشَب

وَالدِّينَ لاَ تَتْرُكُوا وَاللهَ فَاتَّكِلُوا
 

لاَ تَشْتَرُنَّ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ أَبَداً

كِيلُوا بِقِسْطٍ وَإِن لاَّ لِلْوَفِيِّ كِلُوا
 

إِنْ كَانَ نَقْداً أَرُوا عَيْبَ الْمَبِيعِ لَهُ

وَإِنْ يَكُنْ سَلَماً فَالْوَصْفُ وَالأَجَلُ
 

وَمَنْ تُضِيفُوا فَبَشُّوا قَائِمِينَ لَهُ

وَأَكْرِمُوهُ فَإِنَّ الضَّيْفَ مُرْتَحِلُ
 

فَأَنْزِلُوهُ مَحَلاًّ خَالِياً حَسَناً

وَقَدِّمُوا نُزْلَهُ إِنْ أَمْكَنَ النُّزُلُ
 

لاَ تَشْتُِمُوا عِنْدَهُ عَبْداً وَلاَ وَلَداً

وَأَنِّسُوهُ وَعَنْ أَحْسَابِهِ فَسَلُوا
 

وَمَنْ تَضِيفُوا فَبُعْداً عَن مَّنَازِلِهِمْ

لَكُمْ أَنَاةٌ وَحِلْمٌ لاَ لَكُمْ عَجَلُ
 

وَلاَ تُقِيمُوا لَدَيْهِمْ غِبَّ مُصْبَحِكُمْ

فَتُحْرِجُوهُمْ فَيَبْدُو مِنْهُمُ الْمَلَلُ
 

وَالسُّؤْرَ أَبْقُوا - وَلَوْ لَمْ تَشْبَعُوا - كَرَماً

إِنَّ الضُّيُوفَ إِذَا مَا أَفْضَلُوا فَضُلُوا
 

وَأَحْسِنُوا الْخُلْقَ فيِ ذَا الْخَلْقِ كُلِّهِمُ

لاَسِيَّمَا عَالِمٌ لِلْأَمْرِ يَمْتَثِلُ
 

فَذَاكَ أَفْضَلُهُمْ يَتْلُوهُ أَعْبَدُهُمْ

وَعَالِمٌ مُذْنِبٌ عَنْ ذَيْنِ يَنْسَفِلُ
 

 

فَأَوَّلٌ سَابِقٌ وَالثَّانِ مُقْتَصِدٌ

وَثَالِثٌ ظَالِمٌ مَا زَانَهُ عَمَلُ
 

حَذَارِ مِنْهُمْ فَإِنَّ الْقَوْمَ فيِ شُغُلٍ

بِاللهِ لاَ تَشْغَلِ الْمَشْغُولَ يَا رَجُلُ
 

وَآيَةُ الْحَجْبِ لَمْ تُشْكِلْ عَلَى أَحَدٍ

وَلَمْ تُخَصَّصْ وَلَمْ تُنْسَخْ لَهَا امْتَثِلُوا
 

وَالإِذْنَ لاَ تَدْخُلُوا بَيْتاً بِهِ أَحَدٌ

وَلَيْسَ فِيهِ لَكُمْ سُكْنَى وَلاَ شُغُلُ
 

إِلاَّ بِإِذْنِ مَلِيكِ الْبَيْتِ أَعْيُنُكُمْ

لِلأَرْضِ لاَ بِالذِي فيِ الْبَيْتِ تَشْتَغِلُ
 

وَالْقِيلَ وَالْقَالَ لاَ تَرْضَوْا لِأَنْفُسِكُمْ

أَقْبِحْ بِهِ بِيسَ هُوَّ الْجِدُّ وَالْهَزَلُ
 

هَذِي النَّصِيحَةُ إِنْ تُقْبَلْ أَكُن مَّعَكُمْ

وَإِنْ يَكُنْ غَيْرُ هَذَا عَنْهُ أَنْعَزِلُ

 

"إِذَا رَأَيْتُمْ" حَدِيثٌ صَحَّ عَنْ عَدَدٍ

مِنَ الرُّوَاةِ مَتِينُ الْحَبْلِ مُتَّصِلُ[xiv]
 

رَوَاهُ حَافِظُهُ الْمَكْنِي بِثَعْلَبَةٍ

عَنِ الرَّسُولِ الذِي مِن رَّبِّهِ نَهِلُوا
 

فَحُقَّ ليِ أَنْ يَعِيهِ الصَّدْرُ مُنْشَرِحاً
 

وَبِالْقَبُولِ لِمَا قَدْ قَالَ أَنْفَعِلُ

إِنْ تَقْبَلُوهَا رَجَوْتُ اللهَ يَجْمَعُكُمْ
 

فَهْوَ الذِي يَامُرُ الأَشْيَا فَتَنْفَعِلُ

أَسْتَغْفِرُ اللهَ مِن مَّا قُلْتُ ذَا نَدَمٍ
 

وَبِالضَّرَاعَةِ نَرْجُوهُ وَنَبْتَهِلُ

عَلَّ اللَّطِيفَ بِلُطْفٍ مِنْهُ يَجْمَعُنَا
 

بِاللهِ لِلهِ لاَ مِنْ غَيْرِهِ يَصِلُ

عَلَى طَرِيقِ سُلُوكٍ وَاضِحٍ حَسَنٍ
 

لاَ ضَيْقَ فِيهِ وَلاَ مَيْلٌ وَلاَ مَلَلُ

فَنَشْكُرُ اللهَ شُكْراً نَسْتَحِقُّ بِهِ
 

إِنْعَامَهُ إِنَّهُ الْوَهَّابُ مَنْ سَأَلُوا

بِجَاهِ أَحْمَدَ خَيْرِ الْخَلْقِ كُلِّهِمُ
 

وَالآلِ وَالصَّحْبِ مَنْ بِاللهِ قَدْ شُغِلُوا

صَلَّى عَلَيْهِ إِلَهُ الْعَرْشِ مَا رَجَعَتْ
 

لِلهِ نَفْسٌ هَوَتْ فَاعْتَادَهَا الْوَجَلُ

وَبِالسَّلاَمِ عَلَيْهِ الْخَتْمُ يَحْسُنُ ليِ
 

وَالاِبْتِدَاءُ وَمَنْ يُوصَلْ بِهِ يَصِلُ
 

ويقول في هذه القبيلة أيضا ابن عمهم الشاعر المشهور شيخنا بن محنض اليعقوبي:

بِلاَدَنَا أُمَّ أَيُّهَا الْمَطَرُ
 

 

 

هِيَ الْبِلاَدُ وَأَهْلُهَا الْبَشَرُ
 

يَا رَبِّ سَقْيًا لَهُمْ فَإِنَّهُمُ
 

 

 

إِن لَّمْ يَكُن مَّطَرٌ هُمُ الْمَطَرُ
 

يَا رَبِّ سَقْيًا لَهُمْ فَإِنَّهُمُ الْـ
 

 

 

ـعَافُونَ عَن مَّنْ جَنَى وَقَدْ قَدَرُوا
 

يَا رَبِّ سَقْيًا لَهُمْ فَإِنَّهُمُ
 

 

 

فُرْسَانُ مَا قَدْ أَتَى بِهِ النُّذُرُ
 

 

يَا رَبِّ سَقْيًا لَهُمْ فَإِنَّهُمُ
 

 

 

إِنْ كَحَلٌ صَرَّحَتْ هُمُ الْوَزَرُ
 

كَمْ يَنْشُرُونَ لَدَى نَدِيِّهِمُ
 

 

 

مِن مَّا طَوَتْ عَنْ سِوَاهُمُ السُّوَرُ
 

إِذَا ذَكَرْتَ الْحَدِيثَ بَيْنَهُمُ
 

 

 

قُلْتَ الرُّوَاةُ ثِقَاتُهُمْ نُشِرُوا
 

وَإِنْ ذَكَرْتَ اللِّسَانَ قُلْتَ إِذَنْ
 

 

 

أَجُرْهُمٌ هَؤُلاَءِ أَم مُّضَرُ؟!
 

وَإِنْ تَشَأْ فِقْهَ مَالِكٍ فَلَهُمْ
 

 

 

عِنْدَ التَّحَاكُمِ أَوْجُهٌ زُهُرُ
 

مَا طَالَ مِنْ شَرَفٍ بِغَيْرِهِمُ
 

 

 

إِلاَّ وَفِيهِ إِذَا ابْتُلِي قِصَرُ
 

مَنْ فَاتَهُ الْفَخْرُ بِالْبَنِينَ لَهُمْ
 

 

 

فَبِالْبَنَاتِ لِذَاكَ مُفْتَخَرُ
 

مَن لَّمْ يَكُنْ يَنْتَمِي إِلَى نَسَبٍ
 

 

 

مِنْهُمْ فَفِي مَجْدِ ذَلِكُمْ خَوَرُ
 

ويقول فيهم ابن عمهم العلامة كمال الدين محمذ المجيدري بن حب الله الموسوي اليعقوبي:

يَا مَنْ يَرَى وَلاَ يُرَى

عَنِّي الْكُرُوبَ نَفِّسِ
 

لَقَدْ نَفَى عَنِّي الْكَرَى

شَوْقِي لِأَهْلِ تِيرِسِ
 

وَاجْعَل لِّأَمْرٍ عَسُرَا

يُسْرًا بِلاَ تَعَكُّسِ
 

لَهْفِي عَلَيْهِمْ نُبَلاَ
 

مُهَذَّبِينَ فُضَلاَ
 

إِنْ قِيسَ مَعْبَدٌ عَلَى

غِرِّيدِهِمْ كَالاَخْرَسِ
 

أَوْ قِيسَ سَحْبَانُ عَلَى

بَلِيغِهِمْ لَمْ يَنْبِسِ
 

حُبُّ الْمُهَيْمِنِ جَرَى

فيِ الدَّمِ مِنْهُمْ وَسَرَى
 

وَامْتَثَلُوا مَا أَمَرَا

بِهِ أَجَلُّ قَبَسِ
 

وَاجْتَنَبُوا مَا حَظَرَا

مِنْ خَبَثٍ وَرَجَسِ
 

مَنْزِلُهُمْ رَحْبُ الذَّرَا

وَكُومُهُمْ شُمُّ الذُّرَا
 

فَاقُوا جَمِيعَ مَنْ قَرَا

وَخَطَّ بِالْأَبَاخِسِ
 

هُمُ كِرَامُ ذَا الْوَرَى

هُمُ ثِمَالُ الْبَائِسِ
 

ومن ذلك قول محمد عبد الله بن البخاري بن الفلالي الباركي في طائيته المشهورة:

إِنَّمَا الدُّنْيَا بِنَا قَدْ عَمَُِرَتْ

وَبِنَا الدِّينُ لَدَى الْمَيْلِ ائْتَبَطْ
 

قَدْ نَمَتْنَا زَيْنَبٌ بِنْتُ عَلِي

لِرَسُولِ اللهِ مُرْدِي مَنْ قَسَطْ
 

فَارْفَعِ الرَّأْسَ إِذَا نَاوَيْتَنَا

بِكَهَذَا أَوْ تَلَفَّعْ وَتَغَط ْ
 

وقال العلامة الشاعر المامون بن محمذن الصوفي اليعقوبي في آل عبد الله بن بارك الله فيه:

وَأَنْتُمُ الْحُلَّةُ السِّيرَا إِذَا نَظَرَتْ

فِينَا الْعُيُونُ وَبَأْوَانَا عَلَى الْأُمَمِ
 

وَأَنْتُمُ الْمَنْهَلُ الْعِدُّ الْقَدِيمُ لَنَا

وَأَنْتُمُ الْمَعْقِلُ الْأَحْمَى مِنَ الْحَرَمِ
 

ومن ذلك قول العلامة الشاعر محمد بن الطلبة:

مَنْ يُفِيدُونَ الْمُسْتَفِيدَ إِذَا مَا

جَلَتِ النَّارُ عَنْ وُجُوهِ الْغَوَانيِ
 

عُصْبَةٌ جَلَّ قَدْرُهَا أَنْ تَرَاهَا

تَطَّبِيهَا لُبَانَةٌ لِهَوَانِ
 

فَهُمُ لِلْعَدِيمِ مَثْوىً وَمَأْوىً

وَلَدَى الْأَزْلِ مَأْلَفُ الْجِيرَانِ
 

هُم مَّحَطُّ الرِّحَالِ هُم مَّلْجَأُ الضِّيـ

ـفَانِ هُم مَّفْزَعُ الْكَسِيرِ الْوَانيِ
 

عُصْبَةٌ قَدْ بَنَوْا عَلَى كُلِّ نَجْدٍ

بَيْتَ عِزٍّ مُؤَيَّدَ الْبُنْيَانِ
 

عُصْبَةٌ قَدْ جَنَوْا ثِمَارَ عُلُومٍ

عَنْ جَنَاهَا وَنَتْ يَدَا كُلِّ جَانِ
 

يَحْضَؤُونَ الزَّخِيخَ فَوْقَ الرَّوَابيِ

حِينَ تُطْفَا مَخَافَةَ الضِّيفَانِ
 

إِنْ تُسَابِقْهُمُ إِلَى نَيْلِ مَجْدٍ

فَهُمُ السَّابِقُونَ فيِ الْمَيْدَانِ
 

أَوْ تُرَافِقْهُمُ بِطُولِ سِفَارٍ

فَعَبِيدٌ لِلْعَاجِزِ الْمُتَوَانيِ
 

أَوْ تَقِسْ طَوْدَ مَجْدِهِمْ بِسِوَاهُ

هَلْ تُسَامِي رَضْوَى الرُّبَا هَلْ تُدَانِي؟!
 

عُصْبَةٌ عُصْرَةٌ لِمَنْ قَدْ تَنَاءَى

فَاشْتَكَى دَهْرَهُ عَنِ الأَوْطَانِ
 

وقال العلامة محمد بن سعيد اليدالي في أهل بارك الله فيه أيضا:

بَنُو أَبيِ الْقُطْبِ زَيْدٍ

عَلَوْا عَلَى كُلِّ عَالِ
 

فَاقُوا جَمِيعَ الزَّوَايَا

بِجَمْعِ خَمْسِ خِصَالِ
 

عِلْمٍ وَحِلْمٍ وَزُهْدٍ

جَاهٍ وَحُسْنِ نَوَالِ
 

وَالْمَكْرُ مَاتَ لَدَيْهِمْ

بِالْمَكْرُمَاتِ الْعَوَالِي
 

فَهُمْ يَمِينُ الزَّوَايَا

وَغَيْرُهُمْ كَالشِّمَالِ
 

فَيَوْمُهُمْ يَوْمُ عِيدٍ

وَلَيْلُهُمْ كَالزَّوَالِ
 

وقال فيهم أيضا:

إِنَّ أَبْنَاءَ بَارَكَ اللهُ فِيهِ

وَرِثُوا الْمَجْدَ مِنْ كِرَامِ ذَوِيهِ

 

ثُمَّ حَلَّوْا جِيدَ اللَّيَاليِ وَذَبُّوا

عَنْ طَرِيقِ النَّبِيِّ وَالتَّابِعِيهِ

 

شَرَفٌ يَنْطَحُ النُّجُومَ بِرَوْقَيْـ
 

وقال فيهم العلامة محمد الخضر بن حبيب الباركي:

أَلاَ إِنَّ أَبْنَا بَارَكَ اللهُ كُلَّهُمْ

مُلُوكٌ تَرَقَّوْا لِلْمَحَامِدِ سُلَّمَا
 

هُمُ مَا هُمُ إِنْ تَمْتَحِنْهُمْ تَجِدْهُمُ

بُحُورًا وَأَطْوَادًا وَأُسْدًا وَأَنْجُمَا
 

يُقَفُّونَ لِلنَّعْمَاءِ أُخْرَى وَلَوْ جُزَتْ

جَزَاءَ سِنِمَّارٍ بِمَا كَانَ أَنْعَمَا
 

وَإِنْ أَنْعَمُوا لَمْ يُتْبِعُوهَا مُكَدِّرًا

وَيَجْزُونَ إِنْ كَانَتْ عَلَيْهِمْ وَقَلَّمَا[xv]
 

ويقول في والِدَي الشيخ محمد المامي: "فهم بيت علم ذكور وإناث"[xvi].

على أن مدائح قبيلة أهل بارك الله فيه لا تكاد تحصى، نثرا ونظما فصيحا وشعبيا، كما يقول العلامة محمد الخضر بن حبيب: "الأشعار في مدح آل أبهنضام لا تكاد تحصى، عربية وغيرها"[xvii]

13 - ثناء العلماء عليه:

قال فيه ابنه وخليفته العلامة عبد العزيز:

دَع عَّنْكَ مَا قِيلَ مِن مَّدْحٍ وَقَافِيَةٍ

لِشَيْخِنَا مِن رِّثَا زَيْدٍ وَمَدْحِ عَلِي
 

فَمَبْلَغُ الْعِلْمِ فِيهِ أَنَّهُ بَشَرٌ

وَأَنَّهُ وَارِثٌ لِخَاتِمِ الرُّسُلِ
 

وقال ابنه العلامة صلاحي مفتخرا به:

نَجْلُ الْإِمَامِ الْهُمَامِ الْمُرْتَضَى عَمَلاً

أَزْهُو بِهِ بَيْنَ أَقْرَانِي وَجُلاَّسِي
 

وقال فيه ابنه العلامة علي:

أَوْدَى السَّخَاءُ وَأَوْدَى الْعِلْمُ وَالْكَرَمُ

صَبِيحَةً حِينَ أَوْدَى الْعَالِمُ الْعَلَمُ
 

قَدْ كَانَ لِلْأَرْضِ نُورًا يُسْتَضَاءُ بِهِ

فَغَطَّتِ الْأَرْضَ مِنْ فِقْدَانِهِ الظُّلَمُ
 

أَوْدَى فَلاَ أَحَدٌ مِنْ بَعْدِهِ خَلَفٌ

إِلاَّ الذِي فيِ الْعُلَى كَانَتْ لَهُ هِمَمُ
 

مَن لِّلْغَرِيبِ إِذَا جَاءَتْ بِهِ سَنَةٌ

شَهْبَاءُ قَدْ سَاقَهُ عَنْ أَرْضِهِ الْعُدُمُ؟!
 

مَن لِّلْيَتَامَى وَمَن لِّلرَّكْبِ إِن نَّزَلُوا

يَلْقَاهُمُ جَذِلاً وَالثَّغْرُ مُبْتَسِمُ؟!
 

مَن لِّلْعُلُومِ؟! وَمَنْ يُبْدِي دَقَائِقَهَا

مَهْمَى تَقَاصَرَ عَنْهَا الْحَاذِقُ الْفَهِمُ؟!
 

مَن لِّلْأَرَامِلِ يَكْسُوهَا وَيُطْعِمُهَا؟!

حِينَ الْأَكَارِمُ مَا جَادُوا وَمَا كَرُمُوا
 

إِذْ قِيلَ: "مَاتَ غِيَاثُ الْمُسْتَغِيثِ وَمَنْ

لِمَوْتِهِ الْأَرْضُ تَبْقَى مَا لَهَا حَرَمُ"
 

يَا إِخْوَتِي شَمِّرُوا لِلْمَكْرُمَاتِ فَمَا

قَوْمٌ حَكَوْا فيِ الْعُلَى آبَاءَهُمْ ظَلَمُوا
 

وَلاَ تَكُونُوا كَأَقْوَامٍ يَغُرُّهُمُ

مَجْدٌ لِآبَائِهِمْ فَالْفَضْلُ لاَ لَهُمُ
 

وَاسْتَتْبِعُوا سُنَنًا فيِ الْمَجْدِ لاَئِحَةً

قَدْ سَنَّهَا إِنَّنِي فيِ ذَلِكُمْ لَكُمُ
 

وقال فيه ابنه العلامة عبد الله:

أَسْنَى سَلاَمٍ بِأَوْصَافِ الْكَمَالِ يَفِي

عَلَيْكَ يَا قُطْبُ بِالظِّلِّ الظَّلِيلِ يَفِي
 

يَا رَحْمَةَ اللهِ أُمِّي الشَّيْخَ وَاعْتَكِفِي

مُحَمَّدَ الْمَامِ وَاسْقِي أَرْضَهُ وَكِفِي
 

وَاسْقِيهِ غَيْثاً مِنَ الرِّضْوَانِ مُتَّصِلاً

حَتَّى يَرَى اللهَ فيِ الْفِرْدَوْسِ ذَا شَرَفِ
 

وَابْنِي عَلَى الْأَيْقِ فيِ خِصْبٍ وَعَافِيَةٍ

بُرْجاً مِنَ الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ ذَا غُرَفِ
 

قُطْبٌ يَعُدُّ الْحَصَى عَدًّا وَحَصَّلَ مَا

دُونَ النُّبُوءَةِ مِنْ خَيْرٍ لَدَى السَّلَفِ
 

مَنِ اسْتَغَاثَ بِهِ يُعْطَى مُنَاهُ وَمَنْ

لِأَيِّ شَيْءٍ دَعَاهُ نَالَهُ وَكُفِي
 

لِلْعِلْمِ يَحْصُلُ أَوْ لِلْجَاهِ يُنْصَرُ أَوْ

لِلْمَالِ يُغْنِيهِ أَوْ لِلْخَوْفِ لَمْ يَخَفِ
 

يَا قُطْبُ يَا غَوْثُ إِنِّي أَسْتَغِيثُ بِكُمْ

لِكَيْ أَفُوزَ بِمَطْلُوبِي وَلَمْ أَقِفِ
 

إِنِّي دَعَوْتُكَ مَلْهُوفاً وَمُضْطَرِباً

وَالشَّمْلُ مُفْتَرِقٌ وَالْحَالُ غَيْرُ خَفِي
 

وَقَد دَّعَاكَ لِسَانُ الْحَالِ ذَا قَلَقٍ

جَهْراً يُنَادِي بِأَعْلَى الصَّوْتِ وَالْأَسَفِ
 

إِنَّ النَّصَارَى وَقُطَّاعَ الطَّرِيقِ عَدَتْ

عَلَى الزَّوَايَا وَصَارَ الدِّينُ كَالْهَدَفِ
 

وَلاَ سِوَاكَ مُغِيثٌ يُسْتَغَاثُ بِهِ

وَأَنْتَ مَلْجَأُ عَصْرِ اللاَّمِ وَالْأَلِفِ
 

فَوَلِّ وَجْهَكَ لِلرَّحْمَنِ مُبْتَهِلاً

يَصْرِفْ وُجُوهَهُمُ عَنَّا إِلَى التَّلَفِ
 

وَاضْرِب بِّسُورٍ وَرَاءَ الْبَحْرِ دُونَهُمُ

كَسَدِّ يَاجُوجَ هَاوٍ فيِ شَفَا جُرُفِ
 

وَشَتِّتَنْ شَمْلَ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَخُذْ

عَلَى يُدِيِّهِمُ بِالْقَهْرِ وَالْعُنُفِ
 

أَضْلِلْ كُيُودَهُمُ وَاطْمِسْ وُجُوهَهُمُ

وَاشْدُدْ قُيُودَهُمُ بِالْغِلِّ فيِ السَّدَفِ
 

أَثْبِتْ بُغَاتَهُمُ بِكُلِّ مُعْضِلَةٍ

وَبِالشَّمَاتَةِ وَالتَّدْمِيرِ وَالْكُلَفِ
 

وَلْتَجْمَعِ الشَّمْلَ مِنَّا عَنْ تَرَاحُمِنَا

وَالْأَمْنِ فيِ سَعَةٍ يَا وَاسِعَ الْكَنَفِ
 

وَلْتَرْحَمَنْ رَبَّنَا أَسْلاَفَنَا وَأَزِلْ

غِلَّ التَّقَاطُعِ وَالشَّحْنَا عَنِ الْخَلَفِ
 

ثُمَّ الصَّلاَةُ وَتَسْلِيمٌ يُوَازِنُهَا

عَلَى مُحَمَّدٍ الْمَبْعُوثِ بِالصُّحُفِ
 

وقال فيه أيضا:

إِلَى مَنَارِ الإِلَهِ الشَّامِخِ السَّاجِي

أَعْمَلْتُ نُجْبِيَ عَنْهُ غَيْرَ مُنْعَاجِ
 

إِنِّي إِلَى الْأَيْقِ مُشْتَاقٌ أَحِنُّ إِلَى

أَسْنَى سِرَاجٍ مُنِيرِ الضَّوْءِ وَهَّاجِ
 

ذَاكَ الْمَنَارُ مَنَارُ الْعِلْمِ أَجْمَعِهِ

مُحَمَّدُ الْمَامِ رُكْنُ الدِّينِ مِعْرَاجِي
 

بَحْرٌ مِنَ الْعِلْمِ يَرْمِي كُلَّ نَاحِيَةٍ

مِنَ الْعُلُومِ بِأَزْبَادٍ وَأَمْوَاجِ
 

أَرَى الْأَنَامَ إِذَا مَا الْأَمْرُ أَعْضَلَهُمْ

سَارُوا إِلَيْهِ بِأَفْوَاجٍ فَأَفْوَاجِ
 

أُهْدِي إِلَيْهِ تَحَايَا النُّورِ خَالَطَهَا

مِسْكٌ يَفُوحُ مِنَ الْأَرْدَانِ وَالتَّاجِ
 

بِقَدْرِ مَنْ أُهْدِيَتْ إِلَيْهِ مُوجِبُهُ

- وَاللهُ يَعْصِمُنِي مِنْ أَمْرِهِ الْفَاجِي -
 

أَنْ يَشْرَحَ اللهُ صَدْرِي لِلْعُلُومِ وَأَنْ

يُيَسِّرَ اللهُ ليِ أَمْرِي وَليِ حَاجِي
 

وَأَنْ يُعَافِيَ شَيْخِي مِن مَّكَارِهِهِ

وَلْيَجْزِ أَعْدَاءَهُ بِقَطْعِ الاَوْدَاجِ
 

وَأَنَّنِي الْيَوْمَ ذُو ضُرٍّ وَذُو لَجَإٍ

وَأَنْتَ تُذْهِبُ ضُرَّ الْحَائِرِ اللاَّجِي
 

أَنْتُمْ غِيَاثِي وَأَنْتُم مُّشْتَكَى حَزَنِي

وَأَنْتُمُ مَلْجَئِي حِصْنِي وَمِنْهَاجِي
 

أَهْلِي وَصَحْبِي وَإِخْوَانِي وَجِيرَتَنَا

غَيْثاً بِغَيْثٍ مِنَ الرِّضْوَانِ ثَجَّاجِ
 

صَلَّى الْإِلَهُ صَلاَةً لاَ نَفَادَ لَهَا

مَعَ السَّلاَمِ عَلَى الْهَادِي وَالاَزْوَاجِ
 

وقد تقدم ما قال فيه ابن عمه العلامة سيدي بن محمد مولود.

وقال فيه حفيده الشاعر المشهور فتى (واسمه الشيخ محمد المامي) ابن سيد أمين بن الشيخ محمد المامي، لما زار ضريحه هو وحفيده الشيخ حماني (واسمه الشيخ محمد المامي) ابن عبد العزيز بن الشيخ محمد المامي:

يَا مَنْ بِزَوْرَتِهِ يَسْتَشْفِعُ النَّاسُ

طُراًّ فَيُدْفَعُ عَنْهَا الضُّرُّ وَالْبَاسُ
 

وَتُلْهَمُ الرُّشْدَ فيِ دُنْيَا وَآخِرَةٍ

إِن مَّسَّهَا فيِ سَبِيلِ الرُّشْدِ إِلْبَاسُ
 

إِنَّا سَمِيَّاكَ قَدْ جِئْنَاكَ مِنْ بُعُدٍ

وَابْنَا سَلِيلَيْنِ كُلٌّ مِنْكَ مِقْبَاسُ
 

فَإِنَّ قُرْبَكَ مِنْ أَيْقٍ أَنَارَ بِهِ

كَأَنَّهُ فيِ جِبَالِ الْأَرْضِ نِبْرَاسُ
 

لاَ بُدَّ لاَ بُدَّ أَنْ تُقْضَى حَوَائِجُنَا

وَفيِ النُّفُوسِ مِنَ الْحَاجَاتِ أَجْنَاسُ
 

يُقْضَى لَنَا كُلُّ مَا نُبْدِي وَنُضْمِرُهُ

فَمَا عَلَى بَابِكَ الْمَفْتُوحِ حُرَّاسُ
 

إِنْ يَمْنَعَنْ فَقْدُ أَجْمَالٍ زِيَارَتَكُمْ

زَارَتْ مِنَ الْفِكْرِ أَجْمَالٌ وَأَفْرَاسُ
 

وقال في رثائه تلميذه وابن عمه العلامة الشيخ أحمد يعقوب بن محمد بن ابن عمر الباركي:

أَلاَ إِنَّ فيِ الدُّنْيَا خُطُوباً تُبَصِّرُ

وَفيِ السَّيْرِ عَنْهَا لِلنَّعِيمِ تَصَبُّرُ
 

لَئِنْ حَلَّتِ الدُّنْيَا بِأَيْقٍ ثِمَارَهَا

لَقَدْ كَانَ لِلْأُخْرَى سُرُورٌ وَمَفْخَرُ
 

سَقَى مَطَرُ الرِّضْوَانِ قَبْرَ مُحَمَّدٍ

وَآوَاهُ مِ الْغُفْرَانِ بَيْتٌ مُحَبَّرُ
 

وقال فيه تلميذه وابن عمه العلامة أحمد بن عبد الله بن عبد الدائم بن مولود الباركي:

يَا الشَّيْخْ شفْتَكْ منْ كرْمَكْ
أُلاَ قَطّْ مَعْطَاهَا حزْمَكْ

واتْجِيكْ قَرْيَه منْكَبَّه
واتْعُودْ فَوْقَكْ تتْنَبَّه
وارْحَاكْ مَا تَطْحَنْ حَبَّه

وابْلِيسْ تَحْتَكْ يزَّرَّمْ
فيِ الدِّينْ تَوْطَا واتْشَرَّمْ
مَا صَدّْ عَنْهَا متْبَرَّمْ
 

الاُلُوفْ بَعْد اتْعَزْرِيهَا
فامْنَيْنْ تسْتَلْزَمْ بِيهَا

يَا الشَّيْخْ مَا تـمْلكْ سبَّه
واشْوَايْلَكْ بَيْن ايْدِيهَا
مَا قَامْ الاعْيَاط اعْلِيهَا
 

مَا قَطّْ فَافْعَالَكْ طَرَّمْ
مَا قَطّْ صَدَّيْت الْ جِيهَا
واتْبَرّْم الْخير اعْلِيهَا
 

وسئل العلامة سيدي أحمد بابه بن البخاري بن الفلالي الباركي "على أي المذاهب محمد المامي؟" فأجاب: "على أي محمد المامي المذاهب؟!" [xviii]

وكان معاصرو الشيخ محمد المامي يمثلون به للشيخ الصوفي المربي الكامل الموصوف في رائية الشريشي، كما يقول العلامة محمد الخضر: "فلأنه الممثل به عند صيارفة وقته لقول القائل:

ولا تـُقْدِمَنْ قبـلَ اعتقادِك أنه     مُرَبٍّ ولا أولى بها منه في العَصْرِ"[xix]

وكان الشيخ محمد المامي والعلامة الشيخ محمذ فال بن متالي متعاصرين وكانا يتبادلان الإعجاب والثناء، كما يقول العلامة محمد الخضر بن حبيب: "وحكى ابن متالي – نفعنا الله به، وأناله غاية مطلبه – أن ظم [يعني: الناظم، الشيخ محمد المامي] سئل: "أنظمت خليلا كله؟!" فقال: "نظمت بعد انتهائه ألف بيت متصلا به" اهـ"[xx] ويقول: "كان ظم - رضي الله تعالى عنه - كثير الإغرابات في كل علم، لكن لا يطلع على أكثرها إلا المنتهون (..) وكان محمذ فالا بن متالي نفعنا الله بالجميع يستجيدها بالغة ما بلغت، وكان يجله جدا ويتبرك بأثره (..) وبسط ما جرى بينهما عريض لا يليق هنا، وأنشد يوما أبياته العشرة التي أولها:

طَالَ لَيْلِي مِنْ بَعْدِ طُولِ نَهَارِي

وَلُغُوبِي فَلَمْ يَقِرَّ قَرَارِي
 

(..) مستعذبا لها وقال: "لا حشو فيها ولا تتميم" اهـ وهذا لا يسلم منه غالبا"[xxi]

وقد ذكر الشيخ في كتاب البادية أن العلامة محنض بابه بن عبيد الديماني قال له لما تدبر نظم خليل: "ادَّرِكِ الْفِقْهَ فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الأيْدِي" فكان ذلك باعثا للشيخ على تأليف كتاب البادية[xxii].

وقال فيه ابن عمه العلامة أحمد فال بن محمذ فال الموسوي مسلما فتواه في شأن تمليك الزكاة:

وَمَا حَوَى ذَا الرِّقُّ مِنْ أَحْكَامِ
فَعَزْوُهُ صَحَّ عَنِ السَّنْهُورِي
 

مَنْسُوبَةٍ لِلشَّيْخِ الاَتْقَى الْمَامِي
وَكَانَ فيِ النَّاسِ مِنَ الْمَأْثُورِ
 

وقال أيضا مسلما بعض فتاويه:

مَنْ قَلَّدَ الْمَامِي السَّرِي فيِ مَسْأَلَهْ

نَجَا مِنَ الحْسَابِ يَوْمَ الْمَسْأَلَهْ
 

ثم قال ابن عمهما العلامة الشاعر محمد بن الطلبه مسلما الفتوى نفسها:

قُلْتُ: وَذَاكَ عِنْدَنَا مُسَلَّـمُ          وَقَوْلُ مَنْ خَالَفَهُ مُجَرَّمُ

ثم كتب العلامة سيدي أحمد البربوشي بن محمد بن البخاري بن مولود الباركي البيتين غير منسوبين إلى صاحبيهما، وأرسلوهما إلى الشيخ محمد المامي، فكوشف له عن صاحب كل واحد من البيتين وعن كاتبهما؛ فكتب تحت البيتين:

أَلْبَــــيْـتُ الاَوَّلُ لِأَحْمَدْ فَالِ

وَالثَّانِ لاِبْنِ الطلْبَ ذِي الْمَعَالِي
 

وَالْخَطُّ خَطُّ الاَوْرَعِ الْبَرْبُوشِي

وَخَطُّهُ كَالذَّهَبِ الْمَنْقُوشِ
 

وللعلامة المختار بن البرناوي الباركي رسالة رد فيها عن شيخه الشيخ محمد المامي، وأثنى عليه فيها كثيرا.

وقال العلامة سيد أحمد (المعروف بالجكاني) بن الشيخ بن الإمام البوحمدي المجلسي مجيبا لأبيات لشيخه الشيخ محمد المامي:

لَوُقُوعِي بِرُوعِكُمْ قَدْ كَفَانِي

وَشَفَانِي جِوَارُكُمْ وَرَفَانِي
 

أَنْتُمُ بُغْيَتِي وَأَنْتُمْ شِفَائِي

أَنْتُمُ الشَّامُ ليِ وَأَنْتُمْ يَمَانِي
 

إِنَّ يَوْمًا أَهْدَى إِلَيْكُمْ لَيَوْمٌ

عَلِمَ اللهُ هَمَّ بِالإِحْسَانِ
 

وقال أيضا مجيبا لأبيات أخرى لشيخه المذكور:

فَجَزَاهَا شَيْخُ الشُّيُوخِ جَمِيلاً

دَقَّ فِيهِ جَلِيلُ ذَاكَ الْإِمَامِ
 

هِمَّةٌ مِنْهُ وَاكْتِسَابُ جَزَاءٍ

فَجَزَاهُ الْإِلَهُ حُسْنَ الْمَقَامِ
 

وقال أيضا في شيخه المذكور:

لِلْغَوْثِ غَوْثِ الْوَرَى مُحَمَّدِ الْمَامِي

قَصَدتُّ مُغْتَرِفًا مِنْ بَحْرِهِ الطَّامِي
 

لَمَّا رَأَيْتُ مَنِينِي خَانَنِي وَرَمَى

سَهْمُ الذُّّنُوبِ ذَنُوبِي يَا لَهُ رَامِي
 

وَالسَّقْيُ أَهْوَنُهُ التَّشْرِيعُ قَصْعَ صَدًى

قَدْ مَسَّنِي الْيَوْمَ أَوْ مِنْ وَبْلِهِ الْهَامِي
 

وقال فيه الولي العلامة الشيخ أحمد بنبه البكي: "هو رجل تجلى الله عليه بالعلم".

ويقول العلامة محمد الخضر بن حبيب في وصف الشيخ محمد المامي: "مشهور كشف وكرامات، (..) يقول بعض أهل عصره: "إنه موقف عقل" وبعض: "لا مامي بعده"، على يديه كثيرا يَكْثُرُ موجود ويَعْذُبُ مالح ويَتَتَمَّرُ نحو دباغ، وانتفع به كثير وبعضه بلا كتابة (..) يداعب تلاميذه ويتوسل بهم وبهممهم وكدهم وأفعالهم وبآبائهم، فائق في كل علوم الشرع وخصوصا الشرعية الثلاثة، ما من فن إلا وله فيه تصانيف نثرا ونظما عربيا وغيره، صنف في أصول الفقه واحدا ومائة (..) بارع في الشعر بنوعيه ولم أر أكثر منه استسقاء بهما (..) وكان أي: ظم [يعني: الناظم، الشيخ محمد المامي] يمدحه صلى الله عليه وسلم كل عام بقصيدة يسميها "حمراء العرقوب" وأشعاره في علم الحقيقة لا تحصر، كتآليفه فيها (..) وأخبرني الثقات أنه أعقل أهل زمانه وأنه جميل صورة، زاهد لا سيما في ما بأيدي الملوك، كريم الخلق، مُدَارٍ للناس، منصف ذو مروءة، مِنْحَارٌ وأنه ينحر كل ليلة جمعة، كثير ضيف ومواساة، وأنه زار الكنتي جار "فَصْك" لكتب الأصول فاجتمعت له منها ليلتَه مائةٌ وعشرون وتدبرها وحفظها، ونظم "الميزابية" عنده، وما أجودها! (..) وأَخبَرَ بخمسة عشر كتابا دخلت أرضه فيها ما في المائة والعشرين لتكون مصداقا لما حفظ"[xxiii]، ويقول: "مِن مُلَح ظم في النحو، وهي كثيرة فيه وفي كل فن"[xxiv]. وقد وصفه أيضا بأنه: "أعجوبة دهره"[xxv]

ويقول محمد الخضر أيضا عن نظم مختصر خليل للشيخ محمد المامي: "لا يعد من أثنى على هذا النظم من أهل العلم"[xxvi]، وقد ذكر الشيخ محمد المامي في خاتمته لنظم خليل أنه عرضه على العلامة محمذ فال بن متالي والعلامة محنض بابه بن عبيد والعلامة سيدي أحمد بن سيدي عبد الله بن الفاضل والعلامة أحمد دولة والعلامة مولود بن أحمد الجواد والعلامة كرامة، وغيرهم، وكلهم قرظوه وارتضوه[xxvii].

وقال العلامة زين العابدين بن الجمد اليدالي في مقدمة شرحه لوسيلة السعادة (نظم أهل بدر الكبير) للشيخ محمد المامي: "وأما الناظم فكان غاية في العلوم؛ لأنه مشارك  بل كاد يفوق أهل عصره لانفراده بعلم الهيئة وتسيير الكواكب وأقطار الأرض وأطوالها، حتى قيل: إنه يعلم عد الحصى. وربما أخذ ذلك عن بعض أزجاله الحسانية"

وقال فيه العلامة سيد أحمد بن اسمه الديماني: "ومنهم الشيخ محمد المامي المذكور، ناظم مختصر الشيخ خليل ومؤلف الكتاب المسمى: "كتاب البادية" في الأحكام المختصة بأهل البادية وصاحب القصيدة العجيبة المعروفة بالدلفينية وصاحب الأخرى المعروفة بالميزابية في الجدل (..) والذي نظم العلوم كلها من فقه ونحو وتوحيد ومنطق وبيان وسيرة وأنساب وهيئة وغير ذلك، بنظم حسن سلس محكم من الشعر الحساني، لا تمل منه الأذن مع طوله بل لا تزيده الحكاية إلا حسنا عند سامعيه، وهو من العجائب العظام، وهو ديوان للعلوم كلها. ومن عجيب أمره – رضي الله عنه – ما يقال: إنه ألف كتابا في خاطره وسماه: "المقدر" وربما يعزو إليه، وما يقال أيضا: إن له كتابا انتسخه له تلامذته من الجن، والكتاب اسمه: "الدادسي"، فصار لا يقدر أحد أن يقرأه إلا هو والخواص من ذريته، وما يقال: إنه يعلم عدد حصى الأرض الدال على اتصافه بالفناء في الذات موصوفة بصفاتها الذي لا يناله إلا الأفراد من خاصة الخاصة من أكابر الأولياء"[xxviii]

وقال الشاعر المشهور محمد بن هدار الحراكي في مدح الشيخ محمد المامي:

الشّيخ الْمَامِي مَا شبْهُوهْ
أُوسْع الْعلْم امَلْقَى لُوجُوهْ

أُوَاللهِ عَظَّمْت اللَّطِيفْ
أَلَّ عَاجبْنِي زَيْن ازْرِيفْ
عَنْدُ هَذَا الشّيخ اتَالِيفْ

أُمنْ هُوْ شيخ اعْقَدْ حَقّ الْقِيلْ 
واذْلِيل مْن الْمَوْلى وارْجِيلْ
واحْصِيهَا يَعْرَفْهُمْ بالْكَيْلْ
 

نَعْرَفْ عَنْ هَذَا الْخَلْق اَقْرَاهْ
وامْن العِلْم ابْحَرْ عَذْب اُمَاهْ
اتْزُورُوا واللِّي مِنْهَا جَاهْ
 

الاَشْيَاخ افْ تسْقَام الذّهَّابْ
واحْكِيم الْفمّ اللِّي ينْهَابْ

أُلاَهِي مـحْتَاجَه قَاع احْلِيفْ
ابّير آقمَّاط امِرْتَابْ
الْمِيزَابِيَّه والدَّوْلاَبْ

افْ نَظْم خْلِيل اشَرْح خْلِيلْ
أُيَعْرَفْ سكَّان اجْمِيع اتْرَابْ
أُوَلَّفْ وانْظَمْ لاجْمِيع اكْتَابْ

الشيخ اُهُوَ زَاد اَتْقَاهْ
اتْجِيه النَّاس اَرْكَاب اَرْكَابْ
إِصِيب اللِّي الاُوخَرْ مَا صَابْ
 

[i] - قال الشيخ محمد الخضر بن حبيب: "وقد يوصَف [يعني أبهنضام] بـ"الجامع" وأخطأ من نعت بها يعقوب". مفاد الطول والقصر على نظم المختصر، مخطوط بمكتبة أهل محمد الخضر ص: 20.

[ii] - انظر: م. س، ص: 20.

[iii] - انظر: م. س، ص: 19.

[iv] - نظم مختصر خليل – نشر زاوية الشيخ محمد المامي – ط. 1 – 2005 – ص: 21.

[v] - صداق القواعد – البيتان: 1 - 2.

[vi] - انظر: ديوان الشيخ محمد المامي – نشر زاوية الشيخ محمد المامي – ط. 1 - 1985.

[vii] - م. س. ص: 79.

[viii] - م. س. ص: 211.

[ix] - م. س. ص: 33.

[x] - مفاد الطول والقصر على نظم المختصر، ص: 62.

[xi] - م. س، ص: 66.

[xii] - مفاد الطول والقصر: ص: 20.

[xiii] - خطل: خ: عذل.

[xiv] - علق صاحب القصيدة على هذا البيت بقوله: "إشارة إلى قوله صلى الله عليه وسلم: "ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيتم شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا موثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك نفسك. رواه الحاكم وغيره بسنده عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم".

[xv] - م. س، ص: 28.

[xvi] - م. س، ص: 21.

[xvii] - م. س، ص: 28.

[xviii] - مفاد الطول والقصر، ص: 78.

[xix] - م. س، ص: 20.

[xx] - م. س، ص: 54.

[xxi] - م. س، ص: 44.

[xxii] - انظر: كتاب البادية، ضمن: "مجموعة من مؤلفات العلامة الشيخ محمد المامي": 169.

[xxiii] - مفاد الطول والقصر، ص: 26 - 28.

[xxiv] - م. س، ص: 48.

[xxv] - تشريع الجوازي في نظيم نظم المغازي: للعلامة محمد الخضر بن حبيب، مخطوط بمكتبة أهل محمد الخضر، ص: 2.

[xxvi] - مفاد الطول والقصر، ص: 66.

[xxvii] - انظر: نظم مختصر خليل للشيخ محمد المامي: 405 .....

[xxviii] - ذات ألواح ودسر: للعلامة سيد أحمد بن اسمه الديماني، مخطوط بمكتبة الإمام العلامة الشيخ محمد بن أحمد مسكة، حفظه الله، ص: 26 - 27.

Facebook Twitter  WhatsApp Partager

نشر

الصفحة

فيديوهات

Video file
Video file

الموقع الرسمي لزاوية الشيخ محمد المامي.